نظرة للتاريخ لفهم الواقع
السلام عليكم ..
" أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم ، فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكذبين "
الناظر لتاريخ الأمة يجد ان هنا فترتين انكسر فيها المسلمون بشكل عنيف .. سقطت الخلافة المركزية .. تفرقت البلدان ... انتهكت الاعراض ... و دخل المحتل واستباح المسلمين !
الفترة الاولى .. كانت في اواخر الدولة العباسية .. استقل كل اقليم بذاته بشكل غير رسمي .. وانحصرت العلاقة بين المسلمين وخليفتهم بمجرد الدعاء له يوم الجمعة .. و نشبت الخلافات بين الأمراء ..حتى جاء التتار لينهوا كل هذا .. ويدمروا اخر ما تبقى من كرامة لدى المسلمين .. حينها سقطت الخلافة لمدة ثلاث سنوات متصلات .. كان كسنوات يوسف العجاف على الأمة .. حتى من الله علينا وتاب علينا !
الفترة الثانية بدأت في أواخر الدولة العثمانية .. و نفس السيناريو .. انقسامات .. خلافات .. محمد علي انشق بمصر والسودان و بعض الشام .. و صار اقوى من الخليفة نفسه .. حتى هذا الوقت .. كانت الدولة الاسلامية أقوى من أوربا مجتمعة ! ... ثم بدأ الانهيار ... و بدأ احتلال أوربا (انجلترا وفرنسا) لبلاد المسلمين .. خاصة بعد الثورة الصناعية في منتصف القرن التاسع عشر .. هزمونا بالعلم .. احتلونا بانقسامنا ..وسقطت الخلافة العثمانية رسميا في 1924 بقرار أتاتورك اليهودي الأصل .. و في منتصف القرن العشرين بدأت المقاومة الشعبية تتزايد .. لكن ما سر المحتل حقا .. انهم استطاعوا ابعاد المسلمين فكريا عن الاسلام .. فكانت تلك المقاومة الوليدة قومية .. عصبية .. لا أمل للخلافة من وراءها .. فكان قرار الجلاء عن بلادنا و إن كان صعبا عليهم إلا انه لم يكن مأساويا .. فالآن لديهم الرجال المحليون من أبناء المسلمين من يمتلك عقل الانجليز والفرنسيين .. لديهم أصدقاء في الداخل اعطوهم مفاتيح الحكم .. ولو ان تلك المفاتيح سقطت في غير ايدي الاصدقاء لعادوا محتلين بلادنا من جديد .. بلا تردد .. مثلما حدث في الجزائر في تسعينات القرن الماضي !
فأي النارين أشد ؟
الوضع صعب ..بل صعب جدا .. فان كثير من المنتمون فكريا للاسلام اليوم نسوا هذا التاريخ ... فصار همهم انشاء المقارئ ودور رعاية الأيتام ... و تلك مجالات العمل الصالح في نظرهم .. سبحان الله ! .. فأين مبدأ الاستخلاف .. وإصلاح الارض ... أين الاسلام أصلا ؟
و حتى الان .. ومازالت مفاتيح الحكم مع أصدقاء الاحتلال .. نجد ان كل من يريد الاصلاح والبناء يعد مجرما لو حامت حوله شبهات حب للاسلام .. و أوضح مثال .. تجربة الاقتصاد الاسلامي في ثمانينات القرن الماضي .. بدأت التجربة ناجحة جدا .. لكن تم اجهاضها بواسطة الحكومة .. فلا مكان لاقتصاد اسلامي في مصر !
و زاد الوضع سوءا .. حتى تم منع أي فرص للنجاح والبناء .. حتى لو لم تكن في زي اسلامي .. فهذا الدكتور العالم أحمد زويل .. بعد حصوله على نوبل .. عاد لمصر .. و كل أمله بناء وطنه .. انشاء جامعات ..مراكز بحثية .. إلا انه اصطدم بالواقع .. لا مكان للاصلاح في مصر .. و للاسف كثير ممن جاءوا قبله و بعدوا عوملوا بنفس المعاملة .. جزاهم الله خيرا !
وهكذا يستمر الوضع .. فلو تريد النجاح كرجل أعمال .. يجب ان تنضم أولا إلى أصدقاء الاحتلال .. فمثلا .. ملحوظ في مصر تلك الفترة غلو اسعار الحديد والاسمنت بشكل كبير جدا .. فما السبب يا ترى ؟ .. اسرائيل تشتري مننا حديد " عز " وأسمنت بسعر أقل بكثير من سعر السوق و بكميات ضخمة لبناء الجدار العازل .. يا نهار اسود ؟!! و ده طبيعي جدا طالما ان رجال مصر حاملي مفاتيح الحكم أصدقاء للاحتلال !
في ظل تلك الظروف .. اي واحد يحاول التفكير في شيء اسمه الدولة الاسلامية .. استرجاع العزة .. توحيد الأمة .. حدود الله .. يتم طحنه في المعتقلات ! .. لكن هذا طريقنا الذي لا بد منه .. فلنتكاتف .. نتعاون .. نسير برشد وتوكل على الله .. فكما كانت مصر سيف الأمة أمام التتار عند السقوط الأول للخلافة .. فيجب عليها لعب نفس الدور الأن ! .. فهي الأقدر على ذلك .. والله المستعان !
أختم بما بدأت به:
" أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم ، فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكذبين "
السلام عليكم