الاقصى
من أفضل ما كتبت >> مفهوم الدولة الدينية - تجربتي مع الجيش - فرق الموت الشيعية - يحبهم ويحبونه - خاطرة دعوية

مايو ٢٢، ٢٠١٣

لماذا ارفض الضريبة التصاعدية

تم اقرار قانون الضريبة الموحدة على دخل الافراد وعمل شرائح حسب الدخل السنوي لتحديد نسبة الضريبة لتتراوح من 10 الي 25 بالمائة. اريد طرح عدة نقاط لاسباب رفضي لهذا القانون ..

1- 
اذا اتخدنا الضريبة التصاعدية منهجا، فلماذا لا تصل الى 100 بالمائة من الدخل السنوي اذا زاد عن 10 مليون مثلا؟ هل لأن اقتطاع المال حرام؟ فلماذا نبيح اقتطاع المال بنسبة أقل، هل لأنه حلال؟ 
هذا التساؤل يأخدنا لاصل المسألة: ما حكم فرض الضرائب.
تلخيصا: بها خلاف بين مانع (يقول انها حرام) لان حق المال في الزكاة فقط ودونه يعد من المكس المحرم، والاسلام صان بل حرَم ملكيات وأموال الناس. وبين مجوز للضرائب بشروط: احتياج الدولة لاوجه انفاق غير الزكاة (طرق-مدارس-..) - العدل في فرض الضريبة - موافقة اهل الشورى والرأي على تقييم حاجة الدولة وبالتالي القدر المفروض.
ولست هنا بصدد الترجيح بين الرأيين - بل لست أهلا لذلك

لكن ما اريد التاكيد عليه: ليس من حق الحاكم اقتطاع نسبة اكبر من الغني، ببساطة هذا ظلم! فهذا التقسيم لا يستوفي العادالة المشروطة عند من أجاز الضرائب

2-
ما يسمى الافتطاع من المنبع، فمن يدفع الضريبة هو صاحب العمل عن كل من عماله. وكأن هذا المنبع (الدخل) هو معيار الغنى والفقر .. فلماذا يدفع العازب بمرتب 4 الاف أقل من العائل لاربع اولاد بمرتب 6 الاف؟ .. فهذا العائل يكون غالبا اكثر فقرا حتى لو تقاضى راتبا اكبر: فراتبه يذهب للمدارس وايجار المنزل ومصاريف العائلة ..الخ.  قارن هذا النظام (الاقتطاع من المنبع) مع ما شرعه الله من زكاة: الاقتطاع من المدخر. فمن زاد ماله عن حاجته وادخرها لعام كامل (وزادت عن الحد الادني: النصاب) فهذا ما يتم الاقتطاع منه.

كل اقتصادي يعلم انه كلما زاد الانفاق انتعش اقتصاد البلد، فهذا العائل صاحب ال 6 الاف اكثر فائدة لاقتصاد البلد لانه ينفق جل ما يتقاضى راتبا .. وكلما زاد راتبه وانفاقه زادت منفعته. أما العازب ذو الاربعة الاف فقد يكون منعدم الفائدة اذا كنز ماله ولم يأخذ دورته الاقتصادية في المجتمع عن طريق الانفاق. فهذا قد يستحق ضريبة اعلى .. وما ذلك الى للمصلحة العليا!

3-
لو سألنا عن الهدف السامي وراء الضريبة التصاعدية لرد اليساريون بحرقة: العدالة الاجتماعية وتقليل الفوارق الطبقية بين ابناء المجتمع الواحد. ولهذا السبب يرى هؤلاء ان ابطاء معدل زيادة غنى الغني ورد المال على الفقير هو السبيل لهذا الهدف. تلك النظرية التي قد تبدو لاول وهلة منطقية، لكنها ذات اضرار مختلفة ولا تحقق الهدف المرجو واقعيا. فمثلا امريكا وهي اكبر اقتصادات العالم عندها مبدأ الضريبة التصاعدية التي تصل الة 35 بالمائة منذ سنوات عدة .. الا انها لم (ولن) تحقق العدالة الاجتماعية المرجوة .. انظر لصفحة الويكي التي تطرح تلك المشكلة وتؤكد ان 1 بالماة من الامريكان يملكون اكثر من ثلث اقتصاد البلد!!

لعل المشكلة ليست في نظرية الضريبة التصاعدية وانما في الهدف نفسه! هل حقا وجود فئة غنيا جدا ضار على المجتمع؟ قد يبدو سؤالا غريبا الا انه يدفعنا لأصل اكثر عمقا: ما هو دور الدولة الاقتصادي؟ 
يرى اليساريين الدولة ككائن عملاق يتحكم في مؤسسات التعليم - الصناعة - النقل - التجارة، وذلك لانها مؤسسات ذات نفع عام فلا يحق لاحد امتلاكها او التحكم بها. وفي هذا الفكر يسهل تحقيق العدالة الاجتماعية لانه ببساطة الدولة تتحكم بكل شيء مما يمكنها بالتقسيم العادل بين ابناء الشعب.
وفي الطرف الاخر وعلى النقيض نرى الرأسماليين يرون في كل سلعة او خدمة سوق مفتوحة يجوز التنافس فيه، وانه كلما تدخلت الدولة وسيطرت على قطاع فانما هي تفسده: فمناهج التعليم مثلا لا يتم استحداثها، فلا حاجة ملحة لها. اما المدارس الخاصة (لا يوجد منهج وزاري) فانها تتنافس في مناهجها وتطوره .. والبقاء للاصلح .. كل شيء سوق وسلعة يحق التنافس فيه. أما الدولة فدورها رقابي لمنع الاحتكار كما تقدم الخدمات الاساسية لبناء الدولة: جيش - شرطة - أمن ... والاهالي والشركات يقومون بالباقي: مدارس جامعات - مصانع وحتى  فرق عسكرية (مرتزقة) !!

من وجهة نظري الشخصية: فاني ارجح النموذج الرأسمالي الذي يفتح الحريات امام الاشخاص والشركات لتقديم السلع والخدمات بشكل تنافسي، مع فرض (ضريبة- زكاة ..) لضمان حد ادنى معقول لجميع طبقات المجتمع. فلا مشكلة من زيادة الثروة الشخصية طالما انها تدور في النظام الاقتصادي للدولة، ويتم فرض الزكاة عليها اذا ركدت! .. لا مانع عندي من تكوين فئة غنية جدا في المجتمع، فبهم تقول المشاريع العملاقة ..
وهذا ليس تفضيلا على فاضل، بل النظام اليساري واعطاء الدولة كل خيوط اللعبة الاقتصادية قد ثبت فشله في اكثر من تجربة في القرن الماضي ..

4-
من لطائف نظام الزكاة على الغنم انها نسبية معكوسة! اي ان نسبة الزكاة يقل كلما زاد عدد الرؤوس، فكأنما الاسلام يشجع الانتاج الغزير وزيادة رأس المال. انظر حديث البخاري

5-
لو الدولة في عوز وتريد فرض مزيدا من الضرائب، فأنا افضلها على الطريقة الزكاتية: نسبة ثابته (مقدارها يزيد حسب حاجة الدولة) على المدخر اذا زاد عن الحد الادنى.

السلام عليكم،